سورة يوسف - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65) قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67)}
65- وكان إخوة يوسف يجهلون أن يوسف وضع أموالهم في حقائبهم، فلما فتحوها ووجدوا الأموال عرفوا جميل ما صنع بهم يوسف، وتذرعوا بذلك إلى بث الطمأنينة في قلب يعقوب، وإقناعه بالاستجابة إلى ما طلب العزيز وبالغوا في استمالته، فذكروه بما بينه وبينهم من رباط الأبوة، فقالوا: يا أبانا أي شيء تريده أجمل مما جرى وينتظر أن تجرى به الأحداث؟ هذه أموالنا أعيدت إلينا دون أن يحتجز منها شيء، فنسافر مع أخينا ونجلب الميرة لأهلنا، ونرعى أخانا، ويزيد ميرتنا حمل بعير لحق أخينا، فقد رسم العزيز أن يعطى الرجل حمل بعير.
66- ونجحت محاولة أبناء يعقوب في إقناعه، وأثَّر مقالهم فيه، فنزل عن التشدد في احتجاز ابنه وحبسه عن الذهاب مع إخوته إلى مصر، ولكن قلبه لا يزال في حاجة إلى ما يزيد اطمئنانه ولذلك قال لهم: لن أبعثه معكم إلا بعد أن تعطونى ضماناً قوياً، فتعاهدوا الله عهداً موثقاً أن تعيدوه إلىّ، وألا يمنعكم عن ردِّه إلا أن تُهلكوا أو يحيط بكم عدو يغلبكم عليه. فاستجابوا له، وقدَّموا ما طلب من المواثيق، وعندئذ أشهد الله على عهودهم وأيمانهم بقوله: الله على ما دار بيننا مطلع رقيب.
67- اطمأن يعقوب إلى عهد أبنائه، ثم دفعته الشفقة عليهم إلا أن يوصيهم عند دخولهم مصر بأن يدخلوا من أبواب متفرقة، لكيلا يلفتوا الأنظار عند دخولهم، ولا تترقبهم الأعين، وقد يكون ما يسيئهم، وليس في قدرتى أن أدفع عنكم أذى، فالدافع للأذى هو الله وله- وحده- الحكم، وقد توكلت عليه وفوضت إليه أمرى وأمركم، وعليه- وحده- يتوكل الذين يفوضون أمورهم إليه مؤمنين به.


{وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68) وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73)}
68- لقد استجابوا لوصية أبيهم، فدخلوا من أبواب متفرقة، وما كان ذلك ليدفع عنهم أذى كتبه الله لهم، وإن يعقوب ليعلم ذلك، فإنه ذو علم علَّمناه إيَّاه، ولكن وصيته كانت لحاجة في نفسه، وهى شفقة الأب على أبنائه أعلنها في هذه الوصية، وأن أكثر الناس لا يعلمون مثل علم يعقوب، فيفوضون لله ويحترسون.
69- ولما دخلوا على يوسف أنزلهم منزلاً كريماً، واختص أخاه شقيقه بأن آواه إليه، وأسرَّ إليه قائلاً: إني أخوك يوسف، فلا تحزن بما كانوا يصنعون معك وما صنعوه معى.
70- فبعد أن أكرم وفادتهم، وكالهم الطعام، وزادهم حملا لأخيه، أعد رحالهم للسفر، ثم أمر أعوانه أن يدسوا إناء شرب الماء في حمل بنيامين، ثم نادى أحد أعوان يوسف:- أيها الركب القافلون بأحمالكم- قفوا إنكم لسارقون.
71- فارتاع إخوة يوسف للنداء، واتجهوا إلى المنادين يسألونهم، ما الذي ضاع منكم وعم تبحثون؟
72- فأجابهم الأعوان: نبحث عن الصواع، وهو إناء الملك الذي يشرب به، ومكافأة من يأتى به حمل جمل من الطعام، وأكد رئيسهم ذلك، فقال: وأنا بهذا الوعد ضامن وكفيل.
73- قال إخوة يوسف: إن اتهامكم إيّانا بالسرقة لعجيب، ونؤكد بالقسم أن فيما ظهر لكم من أخلاقنا وتمسكنا بديننا في مرتى مجيئنا ما يؤكد علمكم أننا لم نأت بغية الإفساد في بلادكم، وما كان من أخلاقنا أن نكون من السارقين.


{قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)}
74- وكان يوسف قد أوحى إلى أتباعه أن يكلوا إلى إخوته تقدير الجزاء الذي يستحقه من وجد الصواع عنده، تمهيداً لأخذ أخيه منهم بحكمهم، وليكون قضاؤهم مبرماً لا وجه للشفاعة فيه، فقالوا لهم: فماذا يكون جزاء السارقين عندكم إن ظهر أنه منكم؟
75- ولوثوق أبناء يعقوب بأنهم لم يسرقوا الصواع، قالوا غير متلجلجين: جزاء من أخذ الصواع أن يؤخذ رقيقاً، فبمثل هذا الجزاء نجازى الظالمين الذين يأخذون أموال الناس.
76- وانتهى الأمر إلى تفتيش الرحال، وكان لا بد من الأحكام حتى لا يظهر في تنفيذ الخطة افتعال، وتولى يوسف التفتيش بنفسه، بعد أن مهّد الأمر، فبدأ بتفتيش أوعية العشرة الأشقاء، ثم انتهى إلى تفتيش وعاء أخيه، فأخرج السقاية منه، وبذلك نجحت حيلته، وحق له بقضاء إخوته أن يحتجز بنيامين، وهكذا دبَّر الله الأمر ليوسف فما كان في استطاعته أخذ أخيه بمقتضى شريعة ملك مصر إلا بإرادة الله، وقد أرادها، فدبَّرنا الأمر ليوسف ووفقناه إلى ترتيب الأسباب وإحكام التدبير والتلطف في الاحتيال، وهذا من فضل الله الذي يعلى في العلم منازل من أراد، وفوق كل صاحب علم مَن هو أعظم، فهناك من يفوقه في علمه.
77- وكان إخراج الصواع من حقيبة أخيه مفاجأة أخجلت إخوته، فتنصلوا باعتذار يبرئ جماعتهم دونه، ويطعنه هو ويوسف، ويوحى بأن السرقة طبع ورثاه من قبل الأم، وقالوا: ليس بعجيب أن تقع منه سرقة إذ سبقه إلى ذلك أخوه الشقيق، وفطن يوسف إلى طعنهم الخفى، فساءه، ولكنه كتم ذلك، وأضمر في نفسه جواباً لو صارحهم به لكان هذا الجواب: أنتم أسوأ منزلة وأحط قدرا، والله أعلم وأصدق علماً بكلامكم الذي تصفون به أخاه بوصمة السرقة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8